اتفاق في وقته

00:18 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

جاء الاتفاق السعودي - الإيراني الذي رعته الصين في وقته تماماً؛ حيث تحتشد الأزمات الإقليمية والعالمية على وقع الحروب والتهديدات والحصار الاقتصادي، ومنطقتنا في قلب هذه الأزمات، في حين تسعى بعض القوى إلى النفخ في جمر العلاقات المتأزّمة بين الرياض وطهران، وتعمل على صبّ الزيت على النار، بهدف إحداث شرخ دائم لا يلتئم بين البلدين الجارين، ثم مع كل دول المنطقة.

أهداف هذه القوى معروفة ولا تخفى على أحد من متابعي مساعي الاستقطاب، في إطار الصراع القائم على مستوى العالم.

لكن، من حسن الطالع أن قيادتي البلدين تدركان كل ذلك، كما تدركان أهمية بلديهما ودورهما في المنطقة، لذلك كانت خطوة الاتفاق تمثل رداً على كل محاولات استثمار الخلافات بينهما لجّر المنطقة إلى صراعات ليست في مصلحة أحد، ولن تخدم إلا القوى التي تؤجّج الحروب، والكارهة للاستقرار والسلام في المنطقة.

إن المفاوضات التي تواصلت في بكين بين وفدين من البلدين، بمبادرة من الرئيس الصيني شي جين بينغ لمدة خمسة أيام، انتهت بالاتفاق على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما، وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهران، والتأكيد «على احترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية»، والحرص على «بذل كافة الجهود لتعزيز السلم والأمن الإقليميين والدوليين»، والاتفاق على تفعيل اتفاقيّتي التعاون الأمني، والاتفاقية العامة للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والعلوم والثقافة والرياضة والشباب.

إن هذا الاتفاق يشكل نهاية لسبع سنوات من الجفاء والخلافات التي تركت آثاراً سلبية على العلاقات بين إيران ومعظم الدول العربية، كما خلقت حالة من عدم الاستقرار والصراعات في عدد من الدول، كما هو الحال في اليمن ولبنان والعراق وسوريا، لعل هذا الاتفاق يضع حداً نهائياً لها، ويفتح الباب أمام علاقات طبيعية بين إيران والدول العربية؛ لأنهم في النهاية أصحاب مصلحة مشتركة على جغرافيا واحدة، وتاريخ ممتد لآلاف السنين، يربطهم مصير مشترك، وهذا ما عبّر عنه سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، بقوله: «إن عودة العلاقات بين السعودية الشقيقة وإيران خطوة مهمة للمنطقة نحو الاستقرار والازدهار».

إن ضمان تنفيذ الاتفاق يقع على عاتق البلدين بالدرجة الأولى، فهما أصحابه، وهما من سعيا إليه من خلال مفاوضات سابقة رعاها العراق؛ لأنهما بحاجة إلى اتفاق يعالج جروح الماضي، ويفتح آفاق التعاون بين البلدين على قاعدة المصالح المشتركة.

ولأن الاتفاق تم برعاية الصين، فهي تشكل أيضاً ضمانة إضافية للالتزام ببنوده، وهي دولة تحظى باحترام وتقدير البلدين، ويلتزمان التعاون معها في مختلف المجالات.

يحسب للصين أنها حققت هذا الإنجاز السياسي، تأكيداً لدورها المحوري والأساسي كقوة عظمى تعمل من أجل السلام والاستقرار، خصوصاً بين دول ترتبط معها بعلاقات صداقة ومصالح.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ye26v7f3

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"